"بيت العمال" لـ"رؤيا": 60 ألف طفل يعملون في بيئات عمل خطرة
وزارة العمل لـ"رؤيا": عدد حالات عمل الأطفال المكتشفة لعام 2024 بلغ 294 حالة
وزارة العمل لـ"رؤيا": عدد الجولات التفتيشية خلال 2024 بلغت 7110
عدي صافي - تشير التقديرات الصادرة عن المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال" إلى أن عدد الأطفال العاملين في الأردن قد شهد ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة.
بينما أظهر المسح الوطني لعمل الأطفال عام 2016 أن العدد كان يبلغ نحو 76 ألف طفل منهم 45 ألفا يعملون في مهن خطرة فإن البيانات المستحدثة تشير إلى أن هذا العدد ارتفع بنسبة تقارب 25% بعد جائحة كورونا، حسب حديث رئيس "بيت العمال" حمادة أبو نجمة لـ"رؤيا".
وبناءً على هذه التقديرات، توقع "بيت العمال" أن يتجاوز العدد الحالي للأطفال العاملين في الأردن 100 ألف طفل، مؤكدا وجود حاجة الملحة لاتخاذ إجراءات فعالة للحد من انتشار الظاهرة.
"بيت العمال" أوضح لـ"رؤيا" أن الأطفال يعملون في الأردن في قطاعات متنوعة، إلا أن بعض المهن تستقطب أعدادا أكبر منهم، خصوصا المهن التي تتطلب مهارات منخفضة وجهدا بدنيا شاقا.
وذكر أن القطاع الزراعي يأتي في المقدمة حيث يستوعب نحو 32% من الأطفال العاملين يليه قطاع التجارة وإصلاح المركبات بنسبة 28% ثم الصناعة بنسبة 11% وقطاع البناء بنسبة 9%، مبينا أن هذه القطاعات تعتبر ظروف العمل فيها في كثير من الأحيان (ظروف عمل خطرة)؛ حيث يتعرض الأطفال لمواد كيميائية وأدوات حادة ودرجات حرارة مرتفعة ما يزيد من المخاطر الصحية والمهنية عليهم.
وأكد أن ما يقرب من 60% من الأطفال العاملين في الأردن يشتغلون في بيئات خطرة وهو ما يعادل حوالي 60 ألف طفل، ويتعرض 48% من هؤلاء الأطفال لمواد وعوامل ضارة مثل الغبار والدخان والضجيج والمواد الكيميائية والأدوات الحادة، في حين أن 45% منهم يعملون لساعات تتجاوز الحد القانوني البالغ 36 ساعة أسبوعيا مما يعرضهم للإرهاق والإصابات بشكل متزايد، كما أن نسبة 19% من الأطفال العاملين يعانون من سوء المعاملة بما في ذلك الإهانات اللفظية والصراخ والانتقاد المستمر وأحيانا الضرب.
الناطق الرسمي باسم وزارة العمل محمد الزيود قال إن البيانات المتوفرة لدى وزارة العمل لا تعد اساسا للحكم على أي القطاعات الأكثر زخما في تشغيل الأطفال إلا أنها تتوافق مع نتائج المسح الوطني لعمل الأطفال لعام 2016 حيث يعد قطاع تجارة الجملة والتجزئة واصلاح المركبات من أكثر القطاعات تشغيلا للاطفال، حسب الزيود.
القانون الأردني يحظر تشغيل الأطفال دون سن السادسة عشرة كما يفرض شروطا صارمة على تشغيل الفئة العمرية بين 16 و18 عاما، من بينها منع تشغيلهم في الأعمال الخطرة أو لساعات طويلة.
الخبير القانوني د. أشرف الراعي قال إن عمالة الأطفال تعتبر من القضايا الحساسة التي تواجه المجتمعات، حيث تسعى التشريعات الوطنية والدولية إلى حمايتهم من الاستغلال وضمان حقهم في حياة كريمة وتعليم مناسب.
اقرأ أيضاً: الضمان: تخصيص 160 راتب اعتلال إصابي خلال العام الماضي 2024
وأشار إلى أنه وفقاً للمادة (2) من قانون حقوق الطفل الأردني رقم 17 لسنة 2022، يُعرَّف الطفل بأنه "كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره"، وهو تعريف يتماشى مع الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها الأردن عام 1991، والتي تنص على ضرورة توفير بيئة آمنة للأطفال تضمن نماءهم وحمايتهم من جميع أشكال الاستغلال.
ولفت الدكتور الراعي في حديث لـ"رؤيا" إلى أن قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 يحظر تشغيل الأطفال دون سن السادسة عشرة، حيث تنص المادة (73) منه على أنه “يُمنع تشغيل الحدث الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور”، كما تلزم المادة (74) أصحاب العمل بتوفير ظروف عمل آمنة إذا تم تشغيل الأطفال بين 16 و18 عامًا في أعمال غير خطرة.
وفي حال مخالفة هذه الأحكام، يتعرض أصحاب المنشآت لعقوبات تشمل الغرامات المالية، والتي نصت عليها المادة (77) من القانون، إضافة إلى عقوبات أشد قد تصل إلى الحبس بموجب المادة (389) من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960، والتي تعاقب كل من يستغل القُصّر بفرض أعمال شاقة عليهم أو يعرضهم للخطر، حسبما أشار الراعي.
وتابع د. الراعي "لا تقتصر المسؤولية القانونية على أصحاب العمل فقط، بل تمتد إلى الأهل أو الأوصياء القانونيين الذين قد يُجبرون الأطفال على العمل في ظروف قاسية أو تعيق تعليمهم".
وأوضح أنه وفقاً للمادة (10) من قانون حقوق الطفل الأردني، فإنه يُلزم أولياء الأمور بضمان التحاق أطفالهم بالتعليم الإلزامي، وعدم تعريضهم لأي شكل من أشكال الاستغلال الاقتصادي، وفي حال مخالفة ذلك، تنص المادة (32) من القانون نفسه على فرض غرامات مالية تتراوح بين 100 و300 دينار أردني على الوالدين أو الأوصياء الذين لا يلتزمون بإلحاق الطفل بالتعليم أو في حال ثبوت استغلالهم له بأي شكل من الأشكال.
مديرة المناصرة والإعلام والإتصال في مؤسسة إنقاذ الطفل - الأردن، نادين النمري قالت إن التشريعات الوطنية في مجال عمل الأطفال تنسجم بشكل كبير مع المعايير الدولية ذات العلاقة، وقد حقق الأردن خلال السنوات الماضية تقدما ملحوظا على مستوى السياسات في حماية الأطفال من العمل والعمل القسري، حيث يحدد قانون العمل الحد الادنى لعمل الأطفال بسن 16 سنة وضمن شروط صارمة، كما يوفر قانون حقوق الطفل حماية للأطفال المستغلين في عمل الأطفال ويفرض العقوبات والغرامات على مشغلي الأطفال، كما أن قانون منع الاتجار بالبشر يغلظ العقوبة في حالات العمل القسري للأطفال والتسول المنظم لتصل الى الاشغال الشاقة، بالإضافة إلى إقرار الاستراتيجية المحدثة للحد من عمل الأطفال والاطار الوطني المحدث للحد من حالات عمل الأطفال والتسول.
وبينت النمري أن التحدي يكمن في تنفيذ القوانين وتطبيق العقوبات بشكل فعال. إضافة إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تستدعي تعزيز البرامج الوقائية ودعم الأسر، عدا عن تكثيف الرقابة على سوق العمل لضمان حماية الأطفال من الاستغلال و كذلك تطوير العملية التعليمية للحد من تسرب الاطفال من المدارس.
"بيت العمال" أكد أنه رغم وجود قوانين صارمة فيما يتعلق بعمل الأطفال إلا أن تطبيق تلك القوانين ما زال يواجه صعوبات كبيرة، موضحا أن عدد المخالفات التي يتم ضبطها سنويا لا يتجاوز 500 حالة وهو رقم لا يتعدى 0.5% من إجمالي الأطفال العاملين ما يشير إلى وجود قصور واضح في آليات الرقابة والتفتيش، حسب رأيهم.
بدوره الناطق الرسمي باسم وزارة العمل محمد الزيود أوضح لـ"رؤيا" أن عدد حالات عمل الأطفال المكتشفة للعام 2023 بلغ (507) حالة، فيما بلغ عدد حالات عمل الأطفال المكتشفة للعام 2024 (294) حالة.
"بيت العمال" أفاد أن "من أبرز التحديات في إطار تطبيق القانون، قلة عدد مفتشي العمل وغياب الرقابة على بعض القطاعات التي تنتشر فيها عمالة الأطفال بكثافة مثل الزراعة والبناء، معتبرا أن العقوبات المفروضة على أصحاب العمل المخالفين غالبا ما تكون غير رادعة حيث يتم التعامل مع تشغيل الأطفال كمخالفة قانونية بسيطة بدلا من اعتبارها جريمة تستوجب عقوبات صارمة".
وطالب "بيت العمال" بـ:
ضرورة تجريم العمل القسري للأطفال "كجريمة قائمة بحد ذاتها
تعزيز قدرات الجهات الرقابية لضمان تنفيذ القوانين بفعالية
توسيع نطاق المراقبة لتشمل كافة القطاعات التي ترتفع فيها نسب تشغيل الأطفال.
وحول عدد الجولات التفتيشية التي أجرتها الأقسام المتخصصة في وزارة العمل، كشف الناطق باسم الوزارة محمد الزيود أنها بلغت (7110) للعام 2024 زيارة.
وصرح لـ"رؤيا" أن عدد المنشآت التي تم زيارتها بلغ(3889) منشأة خلال عام 2024 في مختلف محافظات المملكة.
أما فيما يتعلق بعدد المخالفات والإنذارات التي حررتها الوزارة بحق منشآت خالفت القوانين ووظفت أطفالا لديها خلال العام الماضي، قال إن عدد المخالفات للعام 2024 بلغ (181) مخالفة، بينما بلغ عدد الانذارات للعام 2024 (201) إنذار.